‏إظهار الرسائل ذات التسميات Arab Women. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات Arab Women. إظهار كافة الرسائل

الأربعاء، 9 أكتوبر 2013

رواية "وردة" .. للكاتب صنع الله إبراهيم

هانيــة عَســـوَد

رغم أنني أنتهيت من قراءة هذه الرواية منذ أكثر من أسبوع، إلا أن روحها وأحداثها وتفاصيلها ما زالت تأكل رأسي وروحي حتى الآن. 

وردة، وهو إسم حركي لفتاة عُمانية الأصل عاشت جزءاً من طفولتها في اليمن بعد عُمان ومن ثم إنتقلت للدراسة هي وأخيها إلى القاهرة ومن ثم بيروت.  تجري أحداث الرواية، التي تأتي بأغلبها على لسان وردة، في مصر ولبنان وعُمان واليمن مع التركيز بشكل أساسي على عُمان واليمن (ظفار وصلالة في عُمان وعدن وزنجبار -محافظة أبين- في اليمن).

يُقدم الكاتب من خلال مذكرات وردة (من عام 1960 وحتى 1975) عرض تلخيصي توثيقي حقيقي لجزء من محاولات ومسارات الثورات العربية والعالمية الإشتراكية والتى أتت بأغلبها من خلال إنقلابات عسكرية، مع التركيز بشكل أساسي على المنطقة العربية وتحديداً محاولة جمهرة السلطنة العُمانية وعرض تفاصيل تخص جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية. 

تقضي وردة عشرة أعوام من أهم سنوات شبابها كقائدة عسكرية في حركة تحرير ظفار في الجبال وتحت القصف والكرّ والفرّ المستمرين قبل أن تختفي آثارها هي وعشيقها في صحراء الربع الخالي.  تتطرق المذكرات بالإضافة إلى عرض تفصيلي للحياة اليومية للثورة والثوار -اللذين تتنوع جنسياتهم العربية- والتغييرات على المستوى السياسي على المستوى العربي والعالمي، إلى عرض حياة المحليين على الصعيد الثقافي والإجتماعي في المناطق التي تمركزوا فيها خلال الثورة.

وردة .. رواية عميقة، تعكس روح وفلسفة النظام الإشتراكي بشكل عام وتوفر توثيق زخم لأحداث وحقائق تلك المرحلة التاريخية بما فيها تاريخ بدايات عدد من قادة الوطن العربي الذين عايشهم أجيالنا.  رواية موجعه ومهمة جداً، برأيي على الأقل، وتستحق القراءة تحديداً بهذه المرحلة.

صنع الله إبراهيم
من مواليد القاهرة 1937.  روائي مصرى يميل إلى الفكر اليسارى ومن الكتاب المثيرين للجدل وخصوصاً بعد رفضه إستلام جائزة الرواية العربية عام 2003 والتي يمنحها المجلس الأعلى للثقافة.  سُجن أكثر من خمس سنوات من 1959 إلى 1964 وذلك في سياق حملة شنّها جمال عبد الناصر ضدّ اليسار. 

يعد صنع الله إبراهيم أحد أكبر الروائيين المصريين الذين يتمكنون من السرد وتتميز أعمال صنع الله إبراهيم الأدبية بصلتها الوثيقة التشابك مع سيرته من جهة، ومع تاريخ مصر السياسي من جهة أخرى. من أشهر روايات صنع الله إبراهيم رواية "اللجنة" التي نشرت عام 1981، وهي هجاء ساخر لسياسة الانفتاح التي أنتُهجت في عهد السادات.  صوّر صنع الله إبراهيم أيضاً الحرب الأهلية اللبنانية في روايته "بيروت بيروت" الصادرة سنة 1984.  إختيرت روايته "شرف" كثالث أفضل رواية عربية حسب تصنيف اتحاد الكتاب العرب.  حصل صنع الله إبراهيم على جائزة ابن رشد للفكر الحر عام  2004.  

السبت، 5 يناير 2013

مجرد أنثى .. ليس ذكراً

هانيــــة عَســـوَد

إمبارح وأنا سايقة السيارة، عادي يعني بإطار كيف بسوق كل يوم. مريت عن شاب سايق جيب كبير، إطلع علي وبعدين فجأة لقيته إجى من وراي، راح على شمالي وبعدين أجى قدامي شوية وبعدين أخد أقصى اليمين ولف؛ شوية وكنت خبطت سيارته من ورا.  مصمصت شفايفي وقلتله براسي: "طيب ماشي؛ طول بالك شوية شايفينك يعني من غير ما نعمل حوادث بس."  فش دقايق مريت عن إشارة وطلعت عن سيارة تانية فيها شباب بشكل عادي تماماً.  إستفزهم الموضوع وأخدوه بشكل شخصي جداً جداً جداً، وطلعت كل الهرمونات الذكورية العنيفة والسمجة؛ شدوا بنزين وطلعوا عني وأجوا قدامي وصاروا يروحوا يمين وشمال ويشحطوا بالسيارة قدامي، بطلت عارفة كيف أسوق وكركبوا الناس التانية اللي سايقة بالشارع.  هالشيء مش أول مرة بيصير؛ وبجد هيك مواقف بتخليني أطلع عن طوعي تماماً، وبتضرب على كل مركز عصب في جسمي وراسي.  وغصب عني طبعاً بلاقيني وأنا بالسيارة بسب وبلعن مع حالي ولو كان معي حد أكيد مضطر يسمع المسبات لأنه بجد شيء بيطلع الوحدة من جلدها.  بالزبط زي لما أبقى واقفة على الدور في مكان وبيجي واحد "ذكر" بيلاقيني قدامه، بيصير بده بأي شكل يمر قبلي؛ إنه شو يعني بالله! إما هو متجاهل وجودي أصلاً يا إما مفقوع إني ممكن أبقى واقفة قدامه. 

يعني بفكر إني أوقات كتير وبحكم سني المتوسط - بمعنى إني برضه عندي تجربة معقولة بالحياة وشايفة كتير – وكمان بحكم إني شخص درس وبحث في موضوع سيكولوجيا الإنسان بشكل عام، بحس إني ممكن كتير أبقى منفتحة أو حتى متسامحة مع العديد من المواقف اللي باتعرض إلها من قبل "ذكور" بيشاركونا الحياة على الكوكب طالما بحدود المعقول (بمفهومي "للمعقول" طبعا) ولأنه ساعات ما بيبقى عندي طاقة ولا إستعداد للخناق بكل لحظة من حياتي.  يعني بإطار فكرة إنه من الطبيعي الشباب تراهق أو تمر بمراحل تغيرات هرمونية معقدة لحد ما، وإنه برضه هالمراحل مش مرتبطة بعمر معين بفكرة الطفولية اللي تعايش الذكور طوال حياتهم.  مش فاهمة يعني هو الموضوع منافسة ولا في فئة من الذكور اللي حوالينا بيشوفوا إنه مش من حق النساء إنهم يتقدموا عليهم بشيء حتى لو كان على دور أو بسيارة!!  أنه يا عمي برضه بلاش الطمع لهالدرجة بإنه النساء لازم يستحملوا ويكبروا دماغاتهم كل الوقت، مش هيك الفكرة. 

الإشكالية مش هون بس، لأه.  بقصد إنها مش بس بفكرة شعور "البعض فقط" من الذكور بحقهم الكامل والمشروع بالتطاول على المرأة أو الأنثى بشكل عام بأي مكان وزمان ولأي سبب.  واللي هو شي موجود بكل مكان ومش مرتبط بأي خلفيات أو دول محددة ومش بس من "الذكور" لا وكمان من بعض الإناث من مناصرين النظام والسلطة الذكورية في مجتمعاتنا.  الإشكالية بتتضمن كمان نقطتين أساسيات؛ من وجهة نظري على الأقل. 

الأولى إنه حقيقي ومؤخراً خلال هالكم سنة اللي فاتوا في كتير من القوانين والأنظمة بأماكن عامه عم بتتغير لتعزز هاي النفسية وهادا الأداء العام.  مثلاً على مدار السنة وشوية اللي فاتت، البنوك بفلسطين ومصر غيرت قوانينها وبطلت أي أم بتقدر تفتح حساب بنك لأبناءها لأنه هي مش "ولية الأمر" وبس الأب هو اللي بيقدر يعمل هالشيء؛ أو إنه في بلد زي الأردن - وبس السنة هاي على فكرة – أبناء الأجانب ما بيقدروا ياخدوا إقامة على إقامة الأم لأنها بس "أمهم" ومش ذكر.  في كتير من المدارس فاتورة أي دفعة بتطلع بإسم الأب أو بإسم "الولد-الذكر" بحال الأب مش موجود لأي سبب ومش بأسم الأم حتى لو هي المعيلة أو هي عملياً اللي بتتدفع.  طبعاً بديش أفوت كمان بموضوع عدم قدرة الأم على منح جنسيتها لأبناءها لو كان زوجها من جنسية أخرى واللي لسة لليوم موجود بكتير من الدول العربية.  إنه شو مع القوانين في عصرنا الحالي اللي بتتغاضى عن حق الأم المكتسب طبيعياً والآهيا بإرتباطها وحقها وعلاقتها مع ابناءها!! ولاّ الموضوع يعني لإنه هالحق مكتسب طبيعياً من الأم فلازم تحُرم منه لصالح "الأب-الذكر" لأنه ما بيصير هي مجرد أنثى!! مش فاهمة برضه!

أما النقطة التانية فهي متمثلة بإنه لما النساء بترفع صوتها بأي مكان إعتراضاً على تصرف غير منطقي، غير عادل، غير منصف، وأحياناً كثيرة على تصرفات وأنظمة تحط من قدر وقيمة وكرامة وكيان المرأة كإنسان وكأنثى، بأغلب الوقت، ردة فعل الجاني (سواءاً فرد أو نظام) بيبقى بإنه بيتعاطى معها كأنثى فاسدة ومنحلة وسيئة الأخلاق، ومن الجمل اللي بنسمعها كل الوقت: "مكبوته أكيد"، "شكله جوزها بيضربها أو بيهملها"، "أهلها ما عرفوش يربوها"، "لسانها طويل وبتستاهل أكتر لتتربى" وغيرهم كتير؛ لأنه مش من حق المرأة ترفع صوتها وتدافع عن حقها علناً وتتطاول على الذكر حتى لو بس بكلمة تحرجه بالشارع أو بمكان عام.  وطبعاً ردة أفعال كتير من الناس – ذكوراً وإناثاً وإن كانوا بالأكثر ذكوراً من أصدقاءنا وأهلنا – إنه: خلاص مشيّها، السكوت أحسن والسماح ألطف، بدنا نعمل فضيحة يعني؟ بدك تمشي تخانقي كل الناس كل الوقت، ...." 

هل حقيقي هالتوجه عم بيصير توجه أعم وأشمل وبيتزايد مثلاً لأسباب سوسيولوجية سيكولوجية أو حتى موضوعية! ولا إحنا النساء بنوصل لمكان بحياتنا اللي مبني على كم من تجاربنا الشخصية اللي بنعيشها وبنتعرض إلها يومياً وتجارب كتير من النساء اللي حوالينا واللي كلها بتتراكم جوانا لدرجة إننا بنبطل قادرين نمرر هالمواقف كل الوقت بسلاسة وصبر مع بعض الأمل إنه يجي يوم تتغير فيه الأمور!!

ومرة تانية، عندي قناعة كبيرة إنه هالأداء والنفسية والنظم ما بتشمل فقط "البعض" من الذكور في كل مكان حوالينا، لأه، وبيشمل عدد لا بأس به من النساء من مناصري النظام السلطوي الذكوري (وإن أقل من عدد الذكور بالتأكيد).  فعملياً فينا نقول إنه في ذكور وإناث بكل من المعسكرين وإن إختلفت الأعداد بإختلاف الجنس.  بس المشكلة تاريخياً وبأغلب الوقت، إنه عدد المدافعين - ذكوراً وإناثاً – بشكل علني ومستمر عن حقوق ومساحة الأنثى كإنسان متساوي الحقوق ومتوازي مع الذكر سواءاً بمجتمعاتنا أو بالمجتمعات التانية في العالم، أقل بكثير من عدد المؤمنين بالفكرة وبالمبدأ، وبالتأكيد الأغلبية منهم برضه نساء ومش رجال.  بمعنى لما الموضوع يبقى بحاجة لوقفة بنلاقي إنه في كتير ناس من المقتنعه بالموضوع تتخلف علشان ما تبان علناً إنها بتاخد موقف بهيك قضايا لأنه ممكن يهدد صورتها الإجتماعية أو مكانتها المهنية، أو أو.  وعلى قد ما أنا برضه مقتنعه بإنه النساء قادرات على الدفاع عن أنفسهم بشكل كبير وبأوقات كتير بس برأيي هالشي مش كفاية من منطلق إنه هيك أداء ومنطق وأخلاق ونفسية بتضر المجتمع ككل ومش بس الإناث فيه وبالتالي القضية هي قضية المجتمع ذكوراً وإناثاً وصوت الرجل بهيك موضوع ممكن يبقى أثره على المجتمع وأخوه الرجل أكثر بكتير من صوت المرأة سواءاً على مستوى السياسات والنظم أو على مستوى تحدي شو بيصير بالشارع وحياتنا اليومية.