الأحد، 2 نوفمبر 2014

عن الصحوة ..!

هانيــــة عَســوَد

القدس صارلها أسابيع (بعد سنوات طويلة) عم بينتهك أهلها قبل مقدساتها.  الأطفال بعدهم بيتلاحقوا وهمة راجعين من المدارس وبينقتلو بدم بارد من قطعان المستوطنين ووحوش جيش الإحتلال.  السجناء لسة ممليين السجون، مش بس سجون الإحتلال لأه وسجون السلطة كمان.  بعدها الأراضي بتتصادر، والبيوت بتنهدم، وفش تلّه ولا جبل  بالضفة إلا عليهم مستوطنة بتسحب المية والأراضي من القرى اللي حواليها.  وبعدها بوابات الإحتلال بتسكر وقت ما بدها على مدن وقرى وبتحرم كتير ناس من أهلهم ومزارعهم اللي صارلهم سنوات طويلة بيرعوها وبيسقوها بعرق جبينهم.  التصاريح بيحظى فيها البعض القليل من الناس والناس اللي فعلاً محتاجين، همه اللي أغلب الوقت ممنوعين ومحرومين.  اللاجئين لليوم عايشين في مخيمات جوة البلد وبرّاها .. لسة مخيمات الشاطئ ويِبنه وعايدة وبلاطة فش فيهم شبكات مي ومجاري وشوراع زي الناس، وأهل اليرموك صارلهم أشهر طويلة بيموتو باليوم مية مرة - فش لا خبز ولا مية – ولا حد عارف يأمنلهم أي أمل بالعودة أو الحرية، وبعين الحلوة وشاتيلا والبداوي وغيرهم لسة مية الشتا بتغرّق البيوت والشباب قاعدة من غير شغل والأمل ما عاد إله وجود. 

صارلنا فترة كإننا بنعيش بجمهورية النيام أو المنوَمين .. في أغلبية قررت تدفن راسها بالتراب، وآلافات بتركض لتلَحق على تسديد القروض والديون، والشكليات وفوقهم التقسيمات أكلت ثقافتنا اللي عشنا سنوات بنحارب الإحتلال وبنموت لنحافظ عليها؛ المسيحي صار دخيل والمسلم صار إرهابي، واليسار صاروا تافهين والليبراليين صاروا مطبعين وأهل القرى صاروا متخلفين وأهل المدن صاروا باريسيين والحطة بدل الشال صارت موضه قديمة والجلباب صار هو الثوب الأصيل.  الشباب بينسحبوا من القهاوي علشان بوست عالفيس بوك لأنه يمكن يبقى طرطش حد "كبير" بيشوف حاله فوق الجميع وأي إنتقاد.  الجوزات الحمراء لسة بتمر عن كل اللي واقفين ساعات على الحواجز والجسر.  أغلب القوانين لسة من عهد الإنتداب البريطاني والحكم الأردني والقوانين الجديدة أغلبها جاي ليخدم فئة صغيرة من المجتمع مثل فئة كبار كبار المستثمرين.  وبنص كل هالمصايب، قصة صغيرة برغم عمقها بتقسّم البلد عشر أقسام والكل بينظّر وبيحكي وما حد بيسمع وما ضل إتهامات إلا طلعت ع بعض .. ناس بتلعن الأحزاب والتاريخ والنضال وناس ما عندها أي فكرة عن كل اللي كان واللي صار، وزي ما في ناس كتير مش شاغلهم شي إلا السفر والطلعات والسهرات، في أغلبية مشغوليين بلعن "الكفّار" والسافرات. 

ديون وهبات فلسطين من المجتمع الدولي كسلطة وكمؤسسات المجتمع المدني هي برضه ضريبة بيدفعوها لنتعايش مع الإحتلال، ضريبة للخرس والتواطئ واللي همه جزء من أهداف على الأقل بعض (معروف) من الدول والمؤسسات المانحة، وقليلين اللي لليوم شايفين هالشيء أو بيحكو عنه أو بيحاولوا يفكروا ببدائل حتى لو بشكل تدريجي أو يا ريت على الأقل يكونوا بس حريصين كيف ووين يصرفوه.  وفي مؤتمر الإعمار وعلى طاولات المفاوضات في مئات النفسيات المريضة الفرحانه لوجود وليمة/ولائم جديدة على أنقاض الأطفال والشعب والبلد والثقافة والتاريخ بإعتبارها العوامل الأساسية اللي بتحميلهم مناصبهم ومراكزهم وبتعبي جيوبهم.  وغزة اللي بعدها سجنية لسة لليوم حاملة الوجع على جلد أهلها وولادها وبتحاول تضل رافعه راسها بعد صحوة من رِدة رجعتنا سنوات لورا وبرغم إستمرار الضربات من كل الجبهات من الداخل والخارج والشتات.  غير عن الـ 48، اللي فيها حوالي مليون ونص فلسطيني مش معترف رسمياً فيهم رغم إنه كل يوم بيفتّح دحنون (شقائق النعمان) وريحان ما بينهم.  مفاوضات وإتفاقيات وإجتماعات ومؤتمرات وموازنات، وفود رايحة ووفود جاية ولليوم ما في أي شي واضح على أي المستويات. لا عنّا بقر نحلبه، ولا عيون ميّ نشرب منها ... طيب وآخرتها؟!  قولكم في أمل! وإزا آه ... متى ممكن نرجع نصحى؟!

(كتبت ونشرت في للزاوية الدورية الجديدة "ع بلاطة" في مجلة فلسطين - عدد نوفمبر 2014)