الاثنين، 11 نوفمبر 2013

لم يكن يوماً ...

تونس 2012

لم يكن يوماً
بل كانَ ثلةً منْ
مشاعرَ قُيِّدت
وذكرياتٍ شُلت
وأحلامٍ تصدّعت
وآمالٍ تقهقرت.
لم يكنْ يوماً .. 
بل كانَ سنينَ عمرٍ عمّرَت
لرُبما تكونُ .. قد 
مضتْ وإندحرت...

هانية عَســـوَد 
نوفمبر 11، 2013

الأربعاء، 6 نوفمبر 2013

كلنا يا بني البشر "أولاد مرة ورِجّال"؛ لا؟

تصوير: هانية عسود؛ جبيل، بيروت
هانيــة عَســـوَد

صارلي فترة مش بفوت ع تويتر كتير.  وبالعادة بفوت أغلب الوقت من التلفون برمي أشياء بتّطق ببالي كل شي أكم من يوم، ولهيك ما بشوف شو موجود.  بس قبل يومين إجى ع بالي أفوت أشوف شوية أخبار وقصص على لسان المغردين.  وبعد شي ربع ساعة مثلاً من القراءة، حسيت حالي مزعوجة جداً من كمية الناس اللي مكررة مصطلح "أولاد المرة" و/أو "إبن مرة"؛ هدا طبعاً غير الناس اللي مكررة "إبن الوسخة" و/أو "أولاد الوسخة" والناس اللي مكررين "... أخته و/أو أمه" "وإبن الـ ...كة" وغيرهم كتير. طيب غيروا شوية؟ التنويع برضه ما بيضر. 
وعلى فكرة، مش بس شباب، لأ، وصبايا كمان وماشي كلنا بنوقع بهالقصه.

وبصراحة بديش أنظّر ولا أفلسف الموضوع أكتر من اللزوم.  ومش ببالي هلا أفوت بكل قصة إنه أغلب الشتايم والمسبات المعروفة والمتداوله مرتبطة بالمرأة، وهالشيء مش بس بمنطقتنا، لا بكل مكان بالعالم.  ولا حابة أوجع راسي وراسكم بفكرة إعتبار أكبر إهانة يمكن توجيهها لأي شخص بشكل مباشر- بحال الرجل - هي إهانة نساء من عائلته، - وبحال المرأة – هي التشكيك "بشرفها" (بالمفهوم التقليدي والضيق) وكإنه كل القيم الأخرى بالحياة ما إلها أي قيمه مقابل قيمه "الشرف" اللي مرتبطة فقط بالمرأة؛ وكأنه الرجل - للأسف - ما عنده شيء بيربطه بقيمة ومفهوم "الشرف" غير النساء اللي بعيلته. 

بس مش قادرة أبلع الشتيمة الأولى -"أولاد المرة"- واللي أكيد مش بسمعها لأول مرة، وبجد ضايقني كثير كمّ إستخدامها وتكرارها من ناس بحبهم أو بحترمهم وأكيد ناس تانية كتيرة ما بعرفهم.  ومن وقتها وأنا عم بحاول بس أفهم ليش.  ولسة مش قادرة أفهم.  إنه على أي أساس وكيف ممكن تتحول كلمة "مرة - إمرأة" من "إسم تأنيث" لـ "صفة" معيبة وبالتالي بتصير كلمة نابية وشتيمة للست أو للمرأة!  وبعدين بالآخر وبصراحة ومن غير زعل، كلنا يا بني البشر "أولاد مرة ورِجّال"، فشو يعني؟

من مدة إنفتح هالموضوع مع أصدقاء إلي بمصر، من الصعيد وبحري والقاهرة.  واللي فهتمه –وياريت حد يصححني لو غلطانه- إنه في الصعيد كلمه "مرة" لا تعني شيء سيء أو معيب، وبالعكس في أمثله شعبية لطيفه بتصف المرأة "بالمرة."  وإنه إستخدام كلمة "مرة" ككلمة نابية ومسيئة أو كشتيمة هي أكتر في القاهرة وبحري.  تاني، يا ريت لو غلطانه حد يصححني.  بس لو مش غلطانه، هالشيء بيطرح براسي سؤال؛ هل إستخدام كلمة "مرة" كشيء معيب وشتيمة ببحري والقاهرة مرتبط بفترة ما ببداية كشف المرأة "لعوراتها" وخروجها للعمل ودخولها مجال الفن والثقافة مثلاً!! مقابل إنه في الصعيد، وإن كان هناك العديد من النساء اللي خرجوا وإشتغلوا وأبدعوا في مجالات كتير بس بالآخر همه لوقت طويل كانوا بيكشفوا عوراتهم خارج  الصعيد؟ 
في دول تانية بالمنطقة وتحديداً في بلاد الشام، إستخدام كلمة "مرة" ممكن يبقى لإبداء إعجاب كبير أو لوصفها بإنها "جدعه" و/أو "قد حالها."  وفي فلسطين على سبيل المثال وبوقت ما، حسب ذاكرتي، إستخدام كلمة "إبن إمه" و "راضع من مرة" كان بيعني (أو يمكن لهلا بيعني) إنه "قد حاله" و "جدع."  واليوم بس عرفت من صديق إنه بالأردن كلمة "إبن إمه" و "ترباية مرة" تستخدم للتقليل من رجولة الشخص أو من ضعف شخصيته.

من زاوية تانية تماماً، للحظات إجت براسي فكرة إنه برضه ممكن هالمسبة تبقى مرتبطة بأهمية دور المرأة بتربية أطفالها وتأثيرها عليهم لحتى يكبروا.  وبالتالي، في حال تصنيف شخص بإنه "سيء"، بيتم ربط هالشيء بـ "أداء والدته السيء" بتربايته.  بس لو هيك، يبقى لازم نتوقع إنه نفس الناس اللي بتستخدمها لإهانته وإهانه أمه، بحال العكس، إنهم يستخدموا نفس المقولة بوصف إيجابي؛ ولا لأ؟

عموماً، يمكن الموضوع يبقى بس مرتبط بتفاصيل كثيرة بالعلاقة مع ثقافات الدول والناس بأوقات معنيه، وبحترم جداً.  لكن حتى بهيك حال، الثقافة اللي ممكن تبقى حقيقي مسيئة وبتشوه وبتناقض قيم وأخلاقيات كتيرة بنحاول إننا نلاقيلها فرص ومساحات حقيقية لنثبّتها على أرض الواقع بالوقت اللي إحنا عايشين فيه، المفروض إننا نحاول على قد ما بنقدر نبقى شوية أوعى وإننا ما نساهم بتكريسها وتعزيزها من خلال تكريرها سواءاً للمزح أو لأذية آخرين إحنا بنختلف معهم. 

الثقافة مش شيء خارج عنّا، ولا شيء منزّل ما فينا نغيره؛ الثقافة هي من صنيعنا إحنا.  واللغة سلاح وقوة وأهم شكل للتعبير عن الرأي وللتأثير بالآخرين ولبناء الوعي؛ اللغة والمصطلحات اللي بنكررها وبنركز عليها، هي أحد أهم ركائز أي ثقافة. 

الجمعة، 1 نوفمبر 2013

أســـود وقاتل ..

تصوير هانية عَســوَد - عيتا الشعب، جنوب لبنان، 2006
هانية عَســــوَد

ولا شي، كل الموضوع هو إنه إمبارح وأنا سايقة بعمان، يا داوب بفوت ع شارع رئيسي شوية ولا بيجي من خلفي 6 سيارات ماشين بسرعه ورا بعض وحاطين الفلشر وبيتزانخوا وبيغلسوا بالسواقة؛ كركبوني وكركبوا كل السيارات اللي بالشارع.  معي بالسيارة شخص أجنبي وعم برجعه ع الفندق بعد إجتماعنا؛ خففت السرعة ومشيت ع اليمين.  الشارع كبير بمسربين بس يوم الخميس وعصراً والمنطقة حيوية جداُ وبالتالي أزمة وزحمة ويا دوب السير ماشي.  بدوا يفوتوا من بين السيارات بشكل مزعج جداً وصاروا قدامنا. 

وحدة من السيارات طالع من شبابيكها الجانبية 3 شباب قاعدين على طرف الشباك، ضهرهم للشارع ورجليهم جوه السيارة.  بيرقصوا وبيطبلوا ع ضهر السيارة. والسيارة اللي كانت بالمقدمة سودا ومزينة شوية؛ فقلت ماشي شكله فرح والشباب رايحين يجيبوا العروس ومعجوقين العجقة العاطلة وهيك. 

شوية وإذ واحد من الشباب اللي طالعين من شبابيك السيارة البيضاء واللي كان لابس قميص أبيض كم طويل وعمره بالغالب حوالي 27 سنة، بيطلع شي أسود وبيلوح فيه بإيده كأنه بيورجيه للسيارات اللي حواليه.  أخدني شوية لحظات لإستوعبت إنه اللي بإيده مسدس حقيقي.  إنتبهت إنه الشخص اللي معي سألني أكتر من مرة:
Is this a real gun? قبل ما أستوعب إنه بيحكي معي وأقله: yes I believe it is.

الشارع كان طويل، جسر وبعدين نفق طويل وبعدين كمان جسر طويل، والشاب ضل يلوح بالمسدس بإيده ويرفعه بالهواء. على ما طلعنا من النفق بدأ يتزانخ أكتر ويوجهه المسدس ع السيارات اللي حواليه.  قلبي كان بيهوي من المنظر وأنا عم بفكر بشعور السيارات القريبة منه وأتمنى إنه ما يبقى فيها أطفال.  كان جواي في خوف حقيقي من المنظر، مش لأني أول مرة بشوف قطعة سلاح، لأ أبداً.  أنا بوقت ما بحياتي وأكتر من مرة إنحطت رشاشات براسي وإنرفعت بوشي وإتهددت فيها، ووقفت قدام دبابات وإتصاوبت.  بس بهيك ظروف وهيك سبب لوجود المسدس خلاني أحس أول شيء، قديش في جهل وعدم إتزان بعقلية البشر ومن ناحية تانية حزنت عليهم وحزنت على الناس اللي مضطرة تتعرض لهادا النوع من الرعب بكتير أوقات وتحديداً أوقات الفرح. 

بالأردن، وبكتير دول في المنطقة وبالعالم، كل سنة في ناس بتموت من عيارات نارية طايرة بالهوا بالأفراح والإحتفالات، غير الناس اللي بتموت بعيارات نارية برضه بوقت خناقات حقيقي مش مستاهلة أبداً يروح فيها أرواح بشر.

وأنا عم بنزل من الجسر لأترك وراي هادا المنظر المرعب والمرّ، وقفت جنب شرطي مرور كان واقف وشايف المشهد كله والمسدس؛
قلتله: معاه مسدس. 
قالي: بعرف.
قلتله: شو يعني بتعرف؟ هادا هو؟
ما رد عليي.  والسيارات اللي وراي واللي غالباً كانت ما مصدقة تبعد عن المسدس والسيارة، بدو يزمرولي فإضطريت أمشي. 

وبس ... هادا هو على الأقل الجزء اللي أنا شهدته من القصة.


وعموماً، السلاح بالنسبة إلي، لحد عايش بهالمنطقة بأوقات حرب وقتل ودمار وخسارات إنسانية قهرتنا وشوهت روحنا وحفرت شروخ بذاكرتنا وضميرنا، السلاح مش للفرح وما بيعبر بأي شكل من الأشكال أو الأوقات إلا عن وجع ورعب ومرارة.