الأحد، 5 مايو 2013

التفاصيل ذات الثِقل المُحتملْ .. The BEARABLE heaviness of Details


 هانيــة عَســوَد

على مفارق نواصي ومسارات حياتنا وببعض المراحل الإنتقالية الشخصية والعامة بما فيها مراحل الإنتقال ما بين الفصول أو ما بين وظائف وحيوات وبيوت ودول، البعض مننا (لو مش كلنا) بيعيش بفوضى مشاعر وأحساسيس وحواس كتيرة.  جزء من هاي الفوضى ممكن يبقى من ردة فعلنا على نظام مش قادرين نوقف قدامه (بما فيها يمكن نُظم إحنا فارضينها على حالنا) أو على قرار جديد أخدناه، أو فعل حصل علينا أو شخص دخل أو طلع أو دخل وطلع من حياتنا وأثروا علينا وفينا، أو يمكن مشاعر فُرض علينا إننا نقبلها ونحسها .. مشاعر وخيارات وقرارات إنفرضت علينا وعلى أرواحنا أما الجزء الآخر فبيبقى ناتج من إحتياجنا إحنا إلها بالتأكيد

هيك أوقات على تنوّعها، الشيء المشترك بينها في الغالب هو إننا خلالهم بنقنع أنفسنا إننا لازم نحاول نعيد ترتيب حساباتنا بكتير من التفاصيل في حياتنا وبنطرح أسئلة مصيرية وكبيرة وأحياناً صغيرة وتافهه، وبنعقد مواثيق مع حالنا وبنبني فرضيات مثل .. إننا نفكر إننا بنقدر نبقى "حد تاني" بيفكر بأسلوب جديد وإننا نحقق أحلام ونلبي طموح هواجس قديمة / جديدة .. أو إننا بنقدر نخلع ثوب الوجع ونجدد ثوب الفرح ونتخطى اللي راح .. أو إننا نعتقد إنه علشان إحنا بنمر بهاي المراحل وإحنا عم بنكبر وبنراكم تجارب فبالتأكيد دروس المرات اللي فاتت وعّتنا والتجارب اللي راحت نضجّتنا وبالتالي الموضوع راح يبقى أسهل مع الوقت .. أو نتأمل إنه اللي جاي لازم يبقى أحسن وأحلى أو بنعيش برعب من إنه يبقى أسوأ كتير وأوجع .. آه وكمان في ناس بتحلم بإنه اللي راح بيتأرشف أكيد والزمن كفيل بمحيه من الذاكرة ... إلخ وهالفرضيات ممكن تبقى صحيحة للبعض وتتحقق وممكن عمرها ما تتحقق للبعض الآخر أو تتحقق بشكل جزئي.  وبالغالب اللي بيفرق هو قدر "مستوى إمتلاءنا وإكتفاءنا" و "قناعتنا الحقيقية" بأي شي وكل شيء على كل المستويات، سواءاً اللي راح أو اللي عم بيجي أو حتى "إحنا الجديد" اللي بنطمح نصيره

بهيك أوقات، بنشعر بكم هائل من الذكريات والتفاصيل بتملانا وبتملى لحظاتنا وأيامنا .. صدورنا وأرواحنا .. عيوننا وكل حواسنا، وكلها مرتبطة شرطياً بشخوص وأحداث وتجارب ونظريات وقناعات ومشاعر وإحتياجات وكتير منها لو حكينا عنه لكتير ناس من اللي حوالينا، ممكن يبيّن شيء تافه أو بسيط أو من غير معنى أصلاً؛ ما حد بيحس فيه أو بيقدّر معناه وقيمته إلا إحنا، حتى لما بيحاول أهلنا وأصحابنا إنهم يبدوا تفهم أو تعاطف، بما فيهم الناس اللي ممكن يبقوا عايشونا بعض هاي التفاصيل أو حتى عاشوا تجارب شبيهه إلها .. برضه ما حد بيقدر يحس بنفس القدر والنوعية من الثقل والقيمة اللي بتحملها ذاكرتنا ومشاعرنا مثلنا.  

بهاي الأوقات، عندي قناعه (ويمكن أمل) إنه اللي حقيقي بيشكّل أي معنى حتى لو "معنى مرحلي" لكتير مننا واللي بيبقى مشكللنا مصدر لفوضى من المشاعر الكتيرة بتأثر علينا وفينا لفترة (بتفاوت) هو الكمّ الكبير من الذكريات والتفاصيل اللي إنزرعت بوعينا ولاوعينا .. التفاصيل اللي شكّلت وبنت حياتنا بالمرحلة/المراحل اللي فاتت؛ حتى لو رفضناها وقاومناها وحتى لو حاولنا نتمرد عليها وعلى أنفسنا.

وهالتفاصيل مخلوطة بكتير من التجارب والأحداث، ليالي وأيام، مناطق ومدن، شوارع وبيوت وأماكن ومواصلات، وأشخاص وناس كتير، ونقاشات وخناقات ومصالحات، و و و.

والتفاصيل هاي مش بس موجودة بقلوبنا ووعينا، لا وكمان في كتير من ممتلكاتنا الشخصية اللي بننصدم قديش ممكن تبقى بتحمل قصص لحظاتنا وأيامنا وحياتنا الصور، وأحياناً ملابسنا، وأحياناً تانية كلمات بنقولها أو أشياء بنعملها أو حد تاني بيقولها أو بيعملها، ملفات وأوراق وكتب .. قديش بنقدر نشوف فيها أحباءنا وأهلنا وصحابنا .. قديش بيخلونا قادرين نرجع نعيش لحظات حلوة ومرة وأوقات عشناها وعايشناها مرّت، ونحس ونحكي مع ناس حبيناهم وناس حبونا أو ضايقناهم وضايقونا، ناس راحت وما عادت موجودة بمساحاتنا .. نشوف مشاهد، ونسمع أصوات، ونشم روايح، ونتذكر طعم أو ملمس، ونحس ونعيش وجع أو خذلان أو أنين أو نشعر بدفا أو حب وبدغدغة جوانا قديش بيقدروا يرجعلونا كل هاللحظات والناس وكتير كتير من المشاعر والأحساسيس اللي آمنا بوقت إنها تجارب غير منتهية وناس بالتأكيد باقية؛ أو إتمنينا هيك على الأقل ويمكن صلّينا – بطرقنا المختلفة – لإنها تبقى ويبقوا!

هاي الأوقات فترتها (زمنياً) متفاوته وتأثيرها وأثرها بيختلفوا بإختلافنا كبشر وبإختلاف شخصياتنا وظروفنا ومحيطتنا وطموحنا وأحلامنا، وبيختلفوا برضه بناءاً على تقييم كل حد فينا لنوعية وقيمة وأهمية التفاصيل "القديمة" مقابل التفاصيل "الجديدة" اللي بتيجي (بقرار منّا) لتحتل أماكن أو مساحات اللي راح أو عم بيروح أو اللي بدنا إياه يروح أو اللي مفروض علينا إنه يروح، وبإختلاف خياراتنا لشو ممكن نقبل على حالنا ومستوى الكومبرامايز اللي مستعدين إله بالعلاقة مع الواقع الحالي اللي بنعيشه والثمن اللي مستعدين ندفعه بالعلاقة مع كل اللي كان وعلى فكرة تحويل ذكرياتنا والتفاصيل والمشاعر لـ "ندب" ما بيعني بأي شكل من الأشكال تقديرها والحفاظ عليها وحمل وإحتمال تُقلها .. لأنه بلحظة تحوّل أي شيء بحياتنا لـ "ندبة" وإن بقيت ظاهرة لحدّ ما، بنفقد أي وكل إحساس فيه

وبرضه بقرار منّا (سواءاً بإختيارانا أو كخيار أو بإنجرار)، بنحافظ أو بنتخلى عن ذكرياتنا والتفاصيل الثقيلة على أرواحنا وقلوبنا ووعينا .. بقرار منّا بنحدد لأيمتى بدنا إياها تبقى معنا ونضل حاسين إنها "مُحتمله".  

هناك تعليق واحد:

  1. "... نخلع ثوب الوجع ونجدد ثوب الفرح..." , مثل مع الدواء ، لازم " طريقة إستعمال "

    ردحذف