الجمعة، 1 نوفمبر 2013

أســـود وقاتل ..

تصوير هانية عَســوَد - عيتا الشعب، جنوب لبنان، 2006
هانية عَســــوَد

ولا شي، كل الموضوع هو إنه إمبارح وأنا سايقة بعمان، يا داوب بفوت ع شارع رئيسي شوية ولا بيجي من خلفي 6 سيارات ماشين بسرعه ورا بعض وحاطين الفلشر وبيتزانخوا وبيغلسوا بالسواقة؛ كركبوني وكركبوا كل السيارات اللي بالشارع.  معي بالسيارة شخص أجنبي وعم برجعه ع الفندق بعد إجتماعنا؛ خففت السرعة ومشيت ع اليمين.  الشارع كبير بمسربين بس يوم الخميس وعصراً والمنطقة حيوية جداُ وبالتالي أزمة وزحمة ويا دوب السير ماشي.  بدوا يفوتوا من بين السيارات بشكل مزعج جداً وصاروا قدامنا. 

وحدة من السيارات طالع من شبابيكها الجانبية 3 شباب قاعدين على طرف الشباك، ضهرهم للشارع ورجليهم جوه السيارة.  بيرقصوا وبيطبلوا ع ضهر السيارة. والسيارة اللي كانت بالمقدمة سودا ومزينة شوية؛ فقلت ماشي شكله فرح والشباب رايحين يجيبوا العروس ومعجوقين العجقة العاطلة وهيك. 

شوية وإذ واحد من الشباب اللي طالعين من شبابيك السيارة البيضاء واللي كان لابس قميص أبيض كم طويل وعمره بالغالب حوالي 27 سنة، بيطلع شي أسود وبيلوح فيه بإيده كأنه بيورجيه للسيارات اللي حواليه.  أخدني شوية لحظات لإستوعبت إنه اللي بإيده مسدس حقيقي.  إنتبهت إنه الشخص اللي معي سألني أكتر من مرة:
Is this a real gun? قبل ما أستوعب إنه بيحكي معي وأقله: yes I believe it is.

الشارع كان طويل، جسر وبعدين نفق طويل وبعدين كمان جسر طويل، والشاب ضل يلوح بالمسدس بإيده ويرفعه بالهواء. على ما طلعنا من النفق بدأ يتزانخ أكتر ويوجهه المسدس ع السيارات اللي حواليه.  قلبي كان بيهوي من المنظر وأنا عم بفكر بشعور السيارات القريبة منه وأتمنى إنه ما يبقى فيها أطفال.  كان جواي في خوف حقيقي من المنظر، مش لأني أول مرة بشوف قطعة سلاح، لأ أبداً.  أنا بوقت ما بحياتي وأكتر من مرة إنحطت رشاشات براسي وإنرفعت بوشي وإتهددت فيها، ووقفت قدام دبابات وإتصاوبت.  بس بهيك ظروف وهيك سبب لوجود المسدس خلاني أحس أول شيء، قديش في جهل وعدم إتزان بعقلية البشر ومن ناحية تانية حزنت عليهم وحزنت على الناس اللي مضطرة تتعرض لهادا النوع من الرعب بكتير أوقات وتحديداً أوقات الفرح. 

بالأردن، وبكتير دول في المنطقة وبالعالم، كل سنة في ناس بتموت من عيارات نارية طايرة بالهوا بالأفراح والإحتفالات، غير الناس اللي بتموت بعيارات نارية برضه بوقت خناقات حقيقي مش مستاهلة أبداً يروح فيها أرواح بشر.

وأنا عم بنزل من الجسر لأترك وراي هادا المنظر المرعب والمرّ، وقفت جنب شرطي مرور كان واقف وشايف المشهد كله والمسدس؛
قلتله: معاه مسدس. 
قالي: بعرف.
قلتله: شو يعني بتعرف؟ هادا هو؟
ما رد عليي.  والسيارات اللي وراي واللي غالباً كانت ما مصدقة تبعد عن المسدس والسيارة، بدو يزمرولي فإضطريت أمشي. 

وبس ... هادا هو على الأقل الجزء اللي أنا شهدته من القصة.


وعموماً، السلاح بالنسبة إلي، لحد عايش بهالمنطقة بأوقات حرب وقتل ودمار وخسارات إنسانية قهرتنا وشوهت روحنا وحفرت شروخ بذاكرتنا وضميرنا، السلاح مش للفرح وما بيعبر بأي شكل من الأشكال أو الأوقات إلا عن وجع ورعب ومرارة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق