الثلاثاء، 24 ديسمبر 2013

"الآفـة "

شعر لـ إدجار ألان بو - the Conqueror Worm
ترجمة: هانيــة عَســوَد

فلتَحضَر الدهشة! هيَ ليلةُ الحفلِ
    خلالَ سنواتِ الوحدةِ البديلة!
حشدُ ملائكةٍ .. بأجنحةٍ، تعتليها زينةُ القداسةِ
    مغطاةٌ بالأحجبةِ .. وغارقةٌ بالدموعِ،
تجلسُ في المسرحِ، لتشاهدَ
    مسرحيةً منَ الآمالِ والمخاوفِ،
حيثُ الأوركسترا تتنفسُ بشكلٍ متقطعٍ
    موسيقى الروحِ وتشابُكها مع العالم.

يومؤونَ .. بشكلِ اللهِ، في العُلا
   يُتمتمون ويُغمغمون بالهمسِ،
يتطايرونَ هنا وهناكَ
  مجردُ دمى .. يأتونَ ويذهبونَ
ليَهبوا أشياءاً كتيرةً بلا أشكالٍ
   يحولونَ المشهدَ بمجيئهم وذهابهم،
ومنْ رفرفةِ أجنحتِهم، كطيرِ الكوندورِ، يخرجُ
   تعجبٌ خفيّ!

تلكَ الدراما المتنافرةُ – تَأكـدْ
    لا يُمكن لها أنْ تُنـسى!
فشبحُها مُطاردٌ إلى الأبدِ
    منْ قِبل حشدٍ غيرُ قادرٍ على إغتنمِاها،
في دائرةٍ لا مُتناهيةِ العودةِ
    إلى نفسِ البقعةِ ذاتها،
والكثيرُ منَ الجنونِ، ومزيدٌ منَ الخطيئةِ
    والرعبِ في روحِ المؤامرة.

ثمَ يرونَ وسطَ حشدِ الإيماءاتِ،
    شكلاً زاحفاً يقتحم!
شيءٌ بحمرةٍ داميةٍ يتلوى خارجاً
    من عزلةِ المشهد!
يتلوى! - إنه يتلوى! مع ألمٍ قاتلٍ
تُصبحِ الإيماءاتُ طعامه،
وتبكي الملائكةُ من أنيابِ الآفاتِ الممتلئةِ
    بالعنف الدامي للبشر.

أُطفأتْ .. أُطفئتْ الأنوارُ .. أُطفئَ كلُ شيء!
    وفوقَ كلِّ شكلٍ مرتجفٍ،
الستارةُ .. كفنٌ،
    تنسدلُ كتدفقِ العاصفة،
بينما الملائكةُ، شاحبو الملامحِ والتعابير،
    منتفضونَ، سافرونَ، يؤكدونَ
أنّ المسرحيةَ هي المأساة، "الإنسانْ"
    وبطلُها، الآفةُ الغازِية.

إدغار آلان بو (وبالإنجليزيةEdgar Allan Poe ) من 19 يناير 1809وحتى 7 أكتوبر 1849 م
شاعر وكاتب قصص قصيرة وناقد أمريكي، صحفي، وناقد أدبي وأحد رواد الرومانسية الأمريكية. ولد عام 1809 م في مدينة  بوسطن بولاية ماساشوستس.  تيتم في سن مبكر، وأرسل للعيش مع أسرة حاضنة، إنفصل عنهم بعد سنوات.  مات في سن الأربعين.  ما يزال سبب وفاته غامضاً حتى اليوم، وكذلك مكان قبره. 
في كل ما كتب بو من قصص وقصائد تبرز نقاط توتره وكآبته وقلقه ومواهبه الخارقة التي شكلت شخصيته الابداعية المغايرة والتي لم يفلح الدارسون حتى اليوم في تفكيك كل الغازها وفي دخول كل سراديبها. فكتاباته غاية في الصعوبة وغاية في الجمالية ولم يشرحها ربما أكثر وأوضح سوى ما قاله هو شخصياً في آخر محاضرة له القاها قبل شهور قليلة من رحيله حيث أصبحت هذه المحاضرة منذ ذلك الحين ما سمي "بالمبادئ الشعرية" أو "مفهوم الشعر". وفيها تحدث بو عن غاية القصيدة أو غاية الشعر بشكل عام الذي هو "السمو بالروح." وقد دعى في محاضرته الشهيرة تلك إلى "التحرر" حين كتابة الشعر من كل "أشكال الرضا والفائدة العقلية" التي يمكن أن تسود على الذهن. ويصف هذا "التحرر" على أنه "أثيريا" ولا يحدّ بغايات. كما يصف "السمو" على أنه "تلك القدرة الشفافة وغير المرئية القادرة على رفع روح الإنسان بكل أثقالها المادية الإضافية إلى درجة من الترفع وغير مسبوقة بأفعال إرادية أو مبنية على مجموعة إفتراضات ليبنى عليها مدخلا للوهم أو للتذكر." فالشعر هو ذاك السلوك المنفلت.  وإن عرف إدغار آلان بو كيف يعبر عنه في كتاباته، إلا أن فهمه كان صعباً من قبل الآخرين، فهو كان في نظر أبناء جيله رمز "الشاعر الملعون" .. الشاعر المتسكع المعاكس للتيار، المشاغب في الكتابة الشعرية، المخرب في النثر، المتمرد على كل المدارس الأدبية والشعرية السابقة له، المدمن والمغامر والمتفلت من كل القوانين، الثائر على التقليد، الحزين حتى الموت، الكئيب حتى الثمالة والمتألم والمحب والعاشق حتى الجنون. ولكن سرعان ما تحولت صورة هذا الشاعر لتصير صورة المليونير الذي مات مديوناً، والنجم الشهير الذي مات متسكعاً، منبوذاً ومجهولاً على الرصيف والشاعر الملهم لكبار المبدعين من بعده الذي ظن قصائده ستنضوي معه، فاذا به ومنذ مطلع القرن العشرين "الاخ الروحي" للشاعر بودلير الذي ترجم أجمل كتاباته، واذا به "عبقري الآداب" بالنسبة إلى بول فاليري و"الحالة الشعرية القصوى" بنظر الشاعر مالارميه.. ليصير بو صاحب الرائعة الشعرية "الغراب" الذي مات وحيداً على الرصيف حامل أكبر الألقاب والمهام الأدبية على الإطلاق، بعد أن أشار كبار النقاد إلى أنه كان "المعلم الأول للكتابات الفانتازية" و"مخترع القصة البوليسية"، و"الممهد الأول للرواية العلمية" و"المجدد للقصة الشعبية" و"الرائد في علم التحليل النفسي."

هناك تعليقان (2):

  1. كم شره هذا الغياب لايريد ان يترك شيئا من سحابات الحضور
    كم عسير ان نغلق النافذة حين يهب على ارواحنا القلقة
    كم جميل حين نعود منه بلا خسائر


    كوني بالف خير

    محمد

    ردحذف
    الردود
    1. شكرا محمد على زيارة الرمانة ..
      تحياتي
      هانيـــة

      حذف